كيف تواسي شخصًا حزينًا؟ أساليب فعّالة للتخفيف من الحزن ودعمه
الحزن هو شعور طبيعي يعبر عن استجابة الإنسان تجاه فقدان شيء عزيز أو مواجهة مواقف صعبة. قد يتعرض الشخص لحالة من الحزن بسبب مجموعة متنوعة من الأسباب، مثل فقدان أحد الأحباء، أو المرور بتجربة صعبة في الحياة، أو حتى مواجهة تحديات صحية أو عاطفية. في مثل هذه الأوقات، يمكن أن يكون الشخص بحاجة إلى الدعم العاطفي والنفسي للتخفيف من آلامه. لكن كيف يمكن أن نواسي شخصًا حزينًا بشكل فعّال؟ ما هي الطرق التي يمكننا من خلالها أن نكون عونًا له دون أن نزيد من معاناته؟ في هذا المقال، سنستعرض مجموعة من الأساليب الفعّالة التي يمكن استخدامها لمواساة الشخص الحزين.
1. الاستماع بصدق واهتمام
أحد أهم الأمور التي يجب أن يحرص عليها الشخص الذي يرغب في مواساة آخر حزين هو أن يكون مستمعًا جيدًا. الاستماع ليس مجرد السكون أثناء حديث الشخص الآخر، بل هو الاهتمام بما يقوله وتقديم الدعم العاطفي من خلال التفاعل مع مشاعره. في كثير من الأحيان، لا يحتاج الشخص الحزين إلى حلول فورية أو نصائح معقدة بقدر حاجته إلى شخص يستمع إليه ويحاول فهم ما يمر به. هذه التجربة تعتبر مريحة للغاية وتساعد الشخص على التعبير عن مشاعره، مما يخفف عنه جزءًا كبيرًا من الحزن.
قد تتساءل: ماذا لو كان الشخص لا يريد التحدث؟ في هذه الحالة، لا ينبغي أن نضغط عليه لفتح قلبه على الفور. يمكن أن يكون مجرد الجلوس بجانبه دون التحدث، والتواجد إلى جانبه، أحد أساليب الدعم العاطفي القوية. أحيانًا، يحتاج الأشخاص إلى وقت للتعافي من أحزانهم، ولكنهم في نفس الوقت يقدرون وجود شخص قريب منهم يشعرهم بالأمان.
2. تقديم الدعم الجسدي
الدعم الجسدي يمكن أن يكون له تأثير كبير على الشخص الحزين. العديد من الدراسات تشير إلى أن اللمسات البشرية مثل العناق أو وضع اليد على كتف الشخص يمكن أن تساعد في تخفيف التوتر النفسي. ولكن، من المهم جدًا أن نتأكد من أن الشخص الآخر موافق على هذا الدعم الجسدي، لأنه في بعض الأحيان قد يشعر الشخص الحزين بالحاجة إلى مسافة أو خصوصية أكبر في مثل هذه المواقف.
إذا كان الشخص الحزين يحتاج إلى العناق أو مجرد الجلوس بالقرب منه، فإن هذه الحركات الصغيرة يمكن أن تحدث فارقًا كبيرًا في مساعدته على الشعور بالدعم والأمان. يمكن أن يكون دعمك الجسدي بمثابة تذكير له بأن هناك من يهتم به ويعاني من أجله.
3. تجنب تقديم حلول سريعة أو نصائح غير مدروسة
على الرغم من أن الهدف من مواساة شخص حزين هو تقديم الدعم والتخفيف عنه، إلا أن بعض الأوقات قد يكون تقديم الحلول أو النصائح بمثابة ضغط إضافي على الشخص الذي يعاني. في كثير من الأحيان، قد يشعر الشخص الحزين بأن النصائح التي تُقدّم له هي مجرد محاولات لتجاهل مشاعره أو تسريع عملية شفائه. بينما يمكن أن تكون النصائح مفيدة في بعض الأحيان، فإنه من الأفضل تجنب تقديمها في اللحظات الأولى، خصوصًا إذا كان الشخص لا يزال في مرحلة تقبل الحزن.
من الأفضل أن نكتفي بتوفير بيئة آمنة ومحفزة للشخص الحزين ليعبر عن مشاعره وتجاربه، دون القلق بشأن إقناعه بتغيير أفكاره أو التصرفات بشكل سريع. أحيانًا، الشخص يحتاج إلى وقت طويل لتقبل الحزن والعمل من خلاله، وأي ضغط للتعافي بسرعة قد يؤدي إلى زيادة المشاعر السلبية.
4. الاعتراف بمشاعر الشخص
في أوقات الحزن، يحتاج الشخص إلى الشعور بأن مشاعره مفهومة ومعترف بها. إذا كان الشخص يشعر بالحزن بسبب فقدان شخص عزيز، فإن مجرد الاعتراف بألمه يمكن أن يكون له تأثير كبير في تخفيف مشاعره. لا تستخف بما يشعر به الشخص، حتى وإن كان يبدو لك أنه أمر صغير أو بسيط. في واقع الأمر، كل شخص يمر بتجربة الحزن بطرق مختلفة، وقد يكون ما يبدو تافهًا بالنسبة لك ذا أهمية بالغة بالنسبة له.
استخدام عبارات مثل “أنا هنا لأجلك” أو “أفهم كم هو مؤلم ما تمر به” يمكن أن يكون له تأثير إيجابي كبير. تجنب التقليل من أهمية ما يشعر به الشخص الحزين، وبدلاً من ذلك حاول أن تُظهر له أنك تدرك مدى صعوبة ما يمر به.
5. تشجيع الشخص على التعبير عن مشاعره
إحدى الطرق الفعالة لمواساة شخص حزين هي تشجيعه على التعبير عن مشاعره. الكثير من الأشخاص يميلون إلى كتمان مشاعرهم خوفًا من أن يظهروا ضعفهم أو من أن يتعرضوا لانتقادات. قد يكون الشخص الحزين في البداية hesitant عن التعبير عن ما يشعر به، لكنه عندما يُشجع على الحديث عن آلامه ومشاعره، يمكن أن يشعر بالتخفيف والراحة.
قد يكون من المفيد أن تطرح على الشخص الحزين بعض الأسئلة المفتوحة التي تسمح له بمشاركة مشاعره بشكل أكبر. ولكن يجب أن تكون هذه الأسئلة مطروحة بلطف وبدون ضغط. من خلال إظهار اهتمامك الحقيقي بمشاعره، ستساعده على فتح قلبه وإيجاد وسيلة للتعامل مع الحزن.
6. تجنب المقارنات والتوجيهات المبالغة في التفاؤل
من الأخطاء الشائعة التي قد يقع فيها البعض أثناء مواساة شخص حزين هي مقارنة معاناة الشخص بأشخاص آخرين أو تقديم تفاؤل مبالغ فيه. على سبيل المثال، قد يسمع الشخص الحزين من الآخرين تعبيرات مثل “أنت لست الوحيد الذي يعاني” أو “الأمور ستكون على ما يرام قريبًا”. في حين أن هذه العبارات قد تكون صادقة من وجهة نظر الشخص المتحدث، إلا أنها قد تُشعر الشخص الحزين بالتجاهل أو حتى بأن معاناته غير مهمة.
من الأفضل أن نكون واقعيين ونتجنب هذه المقارنات. بدلاً من ذلك، حاول أن تظل صريحًا وأن تُظهر للشخص أنك تدرك تمامًا ما يمر به، ولا تقدم له وعودًا غير واقعية. يمكن أن يكون تفاؤلًا معتدلًا ذا فائدة، لكن يجب أن يتم بحذر، مع مراعاة مشاعر الشخص الحزين.
7. تقديم المساعدة العملية عند الحاجة
في بعض الأحيان، قد يكون الشخص الحزين في حاجة إلى المساعدة العملية بجانب الدعم العاطفي. على سبيل المثال، قد يكون بحاجة إلى المساعدة في القيام بأمور يومية مثل التسوق أو إدارة بعض الترتيبات الحياتية التي قد تشعره بالعبء خلال فترة حزنه. لا تتردد في تقديم يد العون، سواء كان ذلك من خلال مساعدة في الأعمال المنزلية أو تقديم دعوة للقيام بنشاط بسيط معًا. هذه الأنشطة يمكن أن تساهم في تخفيف الشعور بالعزلة وتوفير بعض الراحة.
8. التحلي بالصبر والمرونة
في بعض الأحيان، قد يستغرق الشخص وقتًا طويلاً للتعافي من حزنه. التحلي بالصبر هو جزء أساسي من عملية المواساة. لا تتوقع أن يتجاوز الشخص الحزن بسرعة أو أن يتعافى بعد فترة قصيرة. بل على العكس، قد يمر الشخص بتقلبات عاطفية متتالية، حيث يعود للحزن بين الحين والآخر، حتى بعد أن يبدو أنه بدأ في التعافي. التحلي بالصبر مع الشخص الحزين يساعد في خلق بيئة أكثر دعماً ومرونة.
9. الحفاظ على الاتصال المستمر
حتى بعد أن يظهر الشخص الحزين تحسنًا، من المهم أن نواصل تقديم الدعم. في بعض الأحيان، قد يشعر الشخص بأنه قد تم “نسيانه” بعد فترة من الحزن، مما يزيد من شعوره بالعزلة. استمرار التواصل، حتى من خلال رسائل بسيطة أو مكالمات هاتفية، يمكن أن يكون له تأثير عميق في دعم الشخص في تعافيه على المدى الطويل.
من خلال هذه الأساليب، يمكننا أن نكون جزءًا من رحلة الشفاء والدعم للأشخاص الذين يمرون بحالات الحزن.
